هيئة السوق المالية تثقف الأطفال وتنمي قدراتهم الاقتصادية والمالية بـ "المستثمر الذكي"
06/12/2011

​تولي هيئة السوق المالية، الثقافة المالية لدى النشء أهمية قصوى، باعتبار أن هذه الفئة مستثمرة متوقعة في سوق المال أو غيرها من القطاعات الاقتصادية الأخرى. وتبرز هذه الأهمية في إصدار مجلة موجهة للأطفال، هي الأولى من نوعها في المنطقة، تستهدف تأسيس، ثقافة مالية واقتصادية عند الأطفال، وتحاكي تجارب دول متقدمة في هذا الجانب بدأت منذ سنوات عديدة بناء برامج متطورة للتوعية المالية عند الأطفال، استنادا إلى أن كثير من المخاطر المرتبطة بالاستثمارات، خاصة في أسواق المال، يمكن خفضها من قبل المستثمر، في حال كان لديه الوعي المالي والحقوقي الكافي للتعامل في تلك الأسواق، كما أن كثير من المتعاملين في أسواق المال تمكنوا من خفض تأثيراتها السلبية في حال الأزمات وفق ما يملكونه من ثقافة مالية.

وهيئة السوق المالية السعودية تعمل ضمن خطين متوازيين لتأدية مهمتها في تحسين أداء كفاءة السوق المالية وضمان العدالة فيها وتكافؤ الفرص وحماية المستثمرين من حالات التلاعب والتدليس. ويستند الخط الأول (المهمة الأولى) إلى نظام السوق المالية الصادر بمرسوم ملكي في الثاني من جمادى الآخرة 1424 هـ الموافق الحادي والثلاثين من يوليو 2003 والذي يعد الهيئة بموجبه الجهة المسؤولة عن إصدار اللوائح والقواعد والتعليمات في سوق المال، وتنظيم إصدار الأوراق المالية والعمل على تنمية وتطوير أساليب الأجهزة والجهات العاملة في تداول الأوراق المالية وحماية المواطنين والمستثمرين في الأوراق المالية من الممارسات غير العادلة والتي تنطوي على الاحتيال او التدليس أو التلاعب. في حين أن المهمة الثانية، تأتي في إطار المسؤولية الاجتماعية التي توليها الهيئة أهمية قصوى، خاصة في الجانب المتعلق بالمستثمرين، وهي مهمة تتنوع قنواتها، لكنها ترمي بالدرجة الأولى إلى توعية المستثمرين الحاليين في سوق المال أو المستثمرين المتوقع دخولهم إلى السوق.

وفيما يخص توعية المستثمرين، تنشط الهيئة في جانبين، الأول يستهدف المستثمرين الحاليين في السوق، وفي هذا الجانب أصدرت حتى الآن 14 كتيبا توعويا توزعها مجانا في الأجنحة التي تقيمها في المناسبات الوطنية والاقتصادية وكذلك المعارض المتنقلة في الجامعات والمراكز التجارية، ويضاف إلى ذلك صفحاتها على مواقع الإعلام الاجتماعي التي تبث رسائل توعوية وتثقيفية.

في حين يستهدف الجانب الثاني للتوعية  النشء (التي تتراوح أعمارهم بين  ثمانية و14 عاما)، ولهذا الغرض أصدرت الهيئة مجلة متخصصة تحمل اسم "المستثمر الذكي" لتأسيس ثقافة مالية لدى تلك الفئة تساندهم في اتخاذ قراراتهم الاستثمارية عندما يصبحون مستثمرون في سوق المال أو في قطاعات أخرى. والهيئة وهي تصدر هذه المجلة (صدر منها حتى الآن أربعة أعداد)، تستند إلى أن التوعية المالية عنصراً أساسياً في سلامة القرار الاستثماري لدى الأفراد، والقرار الاستثماري السليم هو الذي يحسب درجة المخاطر ويستحضر في الوقت نفسه الجوانب القانونية المترتبة على ذلك القرار.

وتهدف المجلة إلى توعية الجيل الجديد في كل ما يخص التعاملات المالية في الحياة اليومية، وتعريف النشء بمبادئ التعاملات المالية مثل إدارة الأموال واستثمارها واحترام المال، إلى جانب غرس القيم الأخلاقية والدينية المتعلقة بالتعامل مع المال والحقوق المرتبطة به.

والمجلة التي يقوم عليها نخبة من المختصين بالشأن التربوي والمالي والنفسي وشؤون الأسرة، كُتبت بلغة ميسّرة تناسب الفئة المستهدفة (طلاب المرحلتين الابتدائية والمتوسطة)، ويصاحب موادها التحريرية والتوعوية رسومات كرتونية وصور تتفق مع هدفها الذي يتركز في إيصال أكبر عدد ممكن من رسائل التوعية المالية في قالب مبسط مناسب للفئة العمرية المتلقية. وهي تمثل عنصرا من برنامج واسع النطاق موجه للأطفال تحت اسم "المستثمر الذكي"، وهو برنامج ينطلق من عدة دراسات واستطلاعات حول العالم، تثبت أنّ التوعية المالية والاستثمارية في سن مبكرة قد تسهم بدرجة كبيرة في تجنيب المستثمرين وأسواق المال والاقتصاد بعض الأزمات خاصة التي تنشأ عادة من عدم الوعي بدرجة المخاطر التي تواجه الاستثمارات. وقد وسّعت الهيئة نطاق البرنامج استناداً إلى ردود الأفعال والاستجابة المرتفعة من المختصين والماليين وعموم الاقتصاديين تجاه مجلة "المستثمر الذكي" التي تعدّ أول مجلة صادرة بالعربية توجه محتواها لتوعية الأطفال بالثقافة الاستثمارية والمالية. وتضم عناصر البرنامج: مجلة "المستثمر الذكي"، ومحاضرات تدريبية تفاعلية في المدارس، وموقعاً إلكترونياً تفاعلياً، ومواقع للإعلام الاجتماعي هي: الفيس بوك، وتويتر، ويوتيوب، وهذه المواقع خاصة بالبرنامج وهي غير مواقع الإعلام الاجتماعي التي أطلقتها هيئة السوق المالية. كذلك يشتمل البرنامج على وحدة عرض وتوعية متنقلة في المعارض والمراكز التجارية والأندية الصيفية والمهرجانات والأيام الثقافية ذات العلاقة بالطفل، ومن المقرر إطلاق المعرض المتنقل في خمس مناطق في المملكة.

ويمكن وصف برنامج "المستثمر الذكي" بأنَّه برنامج توعوي مجتمعي لنشر ثقافة التعاملات المالية السليمة لدى النشء ولا سيما الفئة العمرية ما بين التاسعة والرابعة عشرة أي أنها تغطي طلاب وطالبات الصفوف العليا من المرحلة الابتدائية وطلاب المرحلة المتوسطة. وستكون المهمة الرئيسة للبرنامج تحويل قواعد التعاملات المالية الصحيحة والسلوكيات الإيجابية في الثقافة المالية إلى موادّ تفاعلية مع الفئات المستهدفة، وذلك بهدف تأسيس جيل واعٍ مالياً وتهيئته للتفاعل الإيجابي مع المجتمع فيما يخص التعاملات المالية، إضافة إلى توعية الطلاب بكل ما يتعلق بالتعاملات المالية في الحياة اليومية، وتعليمهم مبادئ إدارة الأموال واستثمارها وآليات الادخار، وتعريفهم بالجهات ذات العلاقة بالتعاملات المالية ودور كل جهة. ومن بين مهام البرنامج أيضا غرس القيم الإسلامية والأخلاقية في نفوس الطلاب تجاه الأموال وحقوقها وواجباتها.

واستشرفت الهيئة في هذا المشروع الذي يأتي في إطار مسؤوليتها تجاه المجتمع عدداً من تجارب دول العالم التي خطت خطوات إيجابية في التوعية الاقتصادية والمالية للأطفال، ولقيت صدى واسعاً لدى الفئة المستهدفة. وسيتولى فريق متخصص من الاستشاريين والمهنيين في مجال التعاملات المالية والتربية والتعليم، تحت إشراف هيئة السوق المالية، وضع الأطر العلمية والتربوية للمشروع وإعداد المحتوى ليكون البرنامج ذا مرجعية علمية وتربوية مناسبة للفئة المستهدفة.

ولقيت مجلة "المستثمر الذكي" صدى واسعا لدى الإعلاميين الأكاديميين والاقتصاديين، حيث قال عنها  الدكتور فهد الطياش أستاذ الإعلام في جامعة الملك سعود "لعل هذه المجلة تسد بعض الخلل في ثقافة أبنائنا المالية، ففي دول عديدة نجد أن مثل هذه الثقافة المالية المبكرة للأطفال تشجعها المؤسسات المالية وغير المالية بل وحتى الأفراد". في حين يقول الإعلامي العربي والكاتب الاقتصادي محمد كركوتي إن الطفل الذي يفهم الاستثمار تدريجياً بإمكانه تفادي الثغرات المتوقعة دائماً في الحراك الاقتصادي المحلي والعالمي، عندما يصبح القرار في يده، وبإمكانه أيضاً أن يَصوغ ''حياته الاستثمارية''، وفق ما هو موجود لا ما هو وهمي. ومجلة ''المستثمر الذكي''، توفر له آلية فريدة من نوعها، ليس فقط في المملكة بل في العالم العربي ككل. أما الكاتب الاقتصادي علي المزيد فهو يقترح أن يعمم إصدار «المستثمر الذكي» على كل مدارسنا ، وبعد ذلك نطلب من المدرس في المواد الإثرائية أن يطلب من طلبته أن يكتبوا عما فهموه عن التوفير أو طريقة الشراء الصحيحة، وأن يكتب كل طالب موقفا مر به أثناء التسوق، لحين التصالح مع الذات وإدراك أن مبادئ الاقتصاد مهارة واجبة التعلم وينبغي أن تضاف للمنهج شرط أن تُحذف من المنهج القائم مواد الحشو الزائدة. وتتحدث الكاتبة نجلاء السويل عن المجلة بالقول: إن المتصفح لمجلة "المستثمر الذكي" التي تصدرها هيئة السوق المالية والتي تخاطب عقلية الطفل من منطلق اقتصادي وفق صورة مبسطة إنما تكسب الطفل معنى الثقافة الاقتصادية الذي يحتاج إليها في هذا العصر بصورة غاية في البساطة والتشويق فهي فعلا من المجلات التي تواكب العصر وتستحق من الأسرة أن تبحث عن اقتنائها، ولنساعد أطفالنا قليلا على الخروج من عالم الأنشطة السلبية التي تعوق التفكير وتجعله مجرد وعاء يتلقى كل ما يطرح عليه دون مساعدته على تفعيل ما ينمي ذاته وكيانه الداخلي.