سوق المال السعودية ستصبح بأهمية سوقي الهند وجنوب إفريقيا في جذب الاستثمار المؤسسي
12/10/2010

​أكد تقرير نشرته "فايننشيال تايمز" اللندنية أن هيئة السوق المالية السعودية نجحت في جهودها الرامية إلى القضاء على عمليات التداول المبنية على معلومات داخلية، وعلى عمليات التلاعب في السوق، وعلى تدني مستوى الإفصاح، وهي مشاكل ابتليت بها موجودة في معظم أسواق الأسهم العربية، وفق التقرير الذي كتبه روبن روبن ويجلسويرث للصحيفة اللندنية.

ويذهب التقرير إلى القول – استنادا إلى الأرقام التي استقاها من تعاملات السوق – إلى أنه في حال فتح السوق بالكامل لمديري الموجودات الأجانب الذي يتعاملون حاليا عن طريق اتفاقيات المبادلة عبر شركات الوساطة، سيكون الأمر مسألة وقت قبل أن تصبح السوق السعودية ضمن مؤشرات الأسواق الناشئة، وقد توازي في أهميتها مع السوق الهندية وسوق جنوب إفريقيا إلى الاستثمار المؤسسي.

ويقول تقرير "فايننشيال تايمز" إنه ربما كانت سوق الأسهم في السعودية هي الأضخم والأكثر سيولة في البلاد العربية الغنية بالنفط، لكن حتى عهد قريب كان من شبه المستحيل على المستثمرين الدوليين أن يصلوا إليها، على أن هذا بدأ يتغير تدريجياً؛ ففي آب (أغسطس) 2008، سمحت هيئة سوق المال السعودية للمستثمرين الأجانب بشراء الأسهم السعودية بشكل غير مباشر بوساطة ''اتفاقيات المبادلة" عن طريق الوسطاء المرخصين في المملكة. ولا تعطي الاتفاقيات حقوقاً تصويتية لكن القرار أتاح للمستثمرين الأجانب لأول مرة الوصول مباشرة إلى الأسهم الفردية بعد أن كان مسموحاً فقط للمستثمرين السعوديين والمستثمرين الخليجيين العرب أو البنوك الدولية ''المحلية'' بشراء الأسهم، الأمر الذي قلل من حجم تدفقات رأس المال العالمي بشكل حاد.

وكان الطلب الأولي عليها ضعيفاً بسبب الأزمة المالية، لكن صناديق التحوط وبعض مديري الموجودات بدؤوا في العام الماضي بوضع رهانات صغيرة على (تداول). وكان المستثمرون الأجانب مشترين صافين في أسواق الأسهم السعودية عن طريق هذه الاتفاقيات في الفترة من آذار (مارس) 2009 إلى حزيران (يونيو) 2010، وبلغت القيمة الصافية لمشترياتهم 1.1 مليار دولار خلال هذه الفترة.

ورغم أن هذا لا يمثل إلا نسبة ضئيلة قدرها )0.83) من قيمة الأسهم السعودية الحرة حالياً، البالغة 324 مليار دولار – وكانت هناك تدفقات صافية صغيرة في حزيران (يونيو) وتموز (يوليو)، وهي أول مرة يحدث فيها ذلك هذا العام - كان المصرفيون ومديرو الموجودات متحمسين بشأن الإمكانات التي تنطوي عليها سوق الأسهم السعودية. وفي سبتمبر أظهرت البيانات أن مبيعات الأجانب غير المقيمين عبر اتفاقيات المبادلة بلغت 578.35 مليون ريال أي ما نسبته (1.78%)، أما المشتريات فقد بلغت 980.29 مليون ريال وهو ما نسبته (3.03%).

ويضيف التقرير أن هناك عدة عوامل تعزز جاذبية السوق السعودية؛ منها عدد السكان الكبير، والإيرادات المتحققة من النفط والبتروكيماويات.

و"تفاخر تداول بالفعل أن عددا من كبريات الشركات في الأسواق الناشئة مدرجة فيها"،  ومن بين هذه الشركات، ''سابك'' التي تبلغ قيمتها السوقية 68.8 مليار دولار، ومصرف الراجحي بقيمة تقدر بـ31 مليار دولار، وشركة الاتصالات السعودية. وكذلك شركة المراعي، إحدى شركات الألبان الإقليمية الطموحة، وشركة جرير للتسويق، وشركة المملكة القابضة العملاقة. ويقول جمال الكيشي، الرئيس التنفيذي لـ ''دويتشه سكيورتيز العربية السعودية''، الذراع المحلية لبنك دويتشه الاستثماري الألماني: ''إن هناك اهتماماً أكبر بالشركات الكبرى، لكن هناك اهتماماً أيضاً بشركات كنت أعتقد أنها غامضة بالنسبة إلى المستثمرين الدوليين''.

وأثبتت سوق الأسهم السعودية أنها أكثر مرونة إزاء الأزمة المالية من الأسواق المجاورة، علاوة على أن الجهة القائمة عليها وهي (هيئة سوق المال) نالت الثناء بسبب جهودها الرامية إلى القضاء على عمليات التداول المبنية على معلومات داخلية، وواجهت أيضا عمليات التلاعب في السوق وتدني مستوى الإفصاح, وهي مشاكل منتشرة على نطاق واسع في معظم أسواق المال العربية.

لكن يقول مصرفيون إن الاهتمام العالمي بسوق الأسهم السعودية ما زال ضعيفاً بسبب النفور من المخاطرة، إضافة إلى كونها مصنفة ''سوقاً مستجدة'' من قبل الجهات التي تزود بالمؤشرات، مثل MSCI Barra. وهذا يعني أن الاستثمارات السعودية ''خارج علامات القياس'' بالنسبة إلى لصناديق الأسواق الناشئة، الأمر الذي يحد من إقبالها عليها. ويقول محمد هوى، المدير الإقليمي لإستراتيجية الأسهم في بنك كريدي سويس: ''هناك كثير من عدم اليقين حالياً، الأمر الذي يجعل مديري الصناديق يفضلون الأسواق المترسخة، فإذا خسرت الأموال على شيء معروف ومشهور، فالناس يتفهمون ذلك، لكن إذا خسرت على رهان غير معروف ومشهور، فإن ذلك يعد أمراً سيئاً، لذا ينبغي أن تكون واثقاً ومتيقناً''.

والمقايضات التي يجب أن يستخدمها المستثمرون العالميون للوصول إلى الأسهم السعودية الفردية مصنفة باعتبارها مشتقات. وتفرض معظم صناديق الأسواق الناشئة سقفاً لمبلغ المنتجات المالية المعقدة هذه التي تستطيع الاحتفاظ بها في صناديقها.  وهذا لا يمنع صناديق التحوط من الاستثمار في السعودية، لكنه عقبة أمام حركة أموال المؤسسات في المدى الطويل التي تحرص السلطات السعودية على استقطابها لتقليل هيمنة مستثمري التجزئة المحليين الذين ما زالوا يشكلون نحو 95 % من عمليات التداول.

ويقول صالح: ''طبيعة المقايضات تعني أن الصناديق الطويلة فقط مقصورة على مقدار ما تستطيع أن تحتفظ به. لكن معظم صناديق التحوط في واقع الأمر تبقى عادة في السوق، وهي ليست أموالاً سريعة الحركة في العادة''. ويتوقع المصرفيون والمحللون، أن تصبح المملكة العربية السعودية جزءاً ذا أهمية متزايدة من أسواق المال العالمية، ويتوقعون أن تسير عملية التحرير الاقتصادي فيها بخطا بطيئة لكنها ثابتة.