كلمة معالي رئيس مجلس الهيئة في (ملتقى الحوكمة للشركات العائلية)
10/05/2011

أصحاب المعالي والسعادة المشاركين في ملتقى الحوكمة في الشركات العائلية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أود في البداية أن أشكر القائمين على تنظيم هذا الملتقى على جهودهم المباركة وحسن التنظيم. إن هذا اللقاء يأتي ضمن إطار جهود هيئة السوق المالية بالتعاون مع الغرف التجارية والشركات المدرجة لإرساء أفضل الممارسات في مجال الحوكمة وتعزيز مستوى الإفصاح من أجل تحقيق أعلى قدر ممكن من العدالة والكفاءة في السوق المالية وفق أحدث المعايير المحلية والعالمية والممارسات الدولية.

 

أيها الأخوة والأخوات   

إن الشركات العائلية تمتلك في الوقت الحاضر الحصة الكبرى من حجم نشاط الشركات في المملكة العربية السعودية، وتُسهم بشكل رئيس في إجمالي الناتج المحلي، ولكنها تواجه في الوقت نفسه تحديات جسيمة تزداد مع تولي الجيل الثاني والثالث من ملاك الشركة زمام الأمور فيها إذ يبدأ التباين في الصلاحيات والمسؤوليات ويتسع الخلاف،  مما قد يؤدي الى إيجاد بيئة غير صحية تؤثر في استمرار تلك الشركات خصوصاً في حال عدم اتخاذ أي خطوات أو تدابير من شأنها أن تحد من تلك المخاطر. ونرى في المملكة العربية السعودية أمثله كثيرة على شركات تفككت وفقدت القدرة على الاستمرار بسبب ذلك، وهذا أمر بالغ الأهمية ومؤثر في الاقتصاد الوطني ويعنينا في الهيئة بشكل كبير. 

إن من مصلحة الشركات، ومن ضرورات استمرارها الالتزام بقواعد الحوكمة. وهناك إجراءات قانونية ونظامية يمكن للشركة العائلية أن تتخذها لتطبيق هذه القواعد وتجنب أي تداخل بين صلاحيات ومسؤوليات الملاك والإدارة، مما يعزز قدرتها على الاستمرار،  بل في كثير من الأحيان، يكون ذلك فرصة جيدة للتوسع في الأعمال والدخول في أسواق جديدة، إضافة إلى زيادة القدرة على توفير التمويل بتكلفة تنافسية. وهنا أود أن أشير الى المسح الذي أجرته الهيئة مؤخراً عن موضوعات تتعلق بالحوكمة وتطوير إجراءات الإدارة، حيث أقر 77% من مسؤولي الشركات المساهمة المدرجة بقدرة شركاتهم على الحصول على التمويل اللازم بأسعار تنافسية عند الالتزام بلائحة الحوكمة.

إن تحويل الشركات العائلية الى شركات مساهمة هو أحد أهم الإجراءات التي تؤدي الى استمرار الشركات ونموها. وهناك أمثلة كثيرة لشركات عائلية تحولت الى شركات مساهمة ثم أُدرجت في السوق وعملت وفق أنظمة وضوابط هيئة السوق المالية فنجحت وتعززت قدرتها التنافسية مما نتج عنه توسع أعمالها ودخولها في أسواق جديدة.

غير أن تحويل الشركة العائلية إلى شركة مساهمة مدرجة في السوق المالية السعودية يتطلب الالتزام  بعدد من الاجراءات من أهمها: تبني الافصاح والشفافية والعدالة مع جميع المساهمين دون النظر إلى حصصهم في ملكية الشركة، وتطبيق مبادئ الحوكمة لحفظ حقوق المساهمين كافة من خلال الأنظمة والإجراءات التي تحدد العلاقة بين ملاك الشركة وإدارتها التنفيذية وبقية أصحاب المصالح.

وتأكيداً لما توليه هيئة السوق المالية من أهمية لحوكمة الشركات كأحد أهم أولوياتها، تتابع الهيئة مدى التزام الشركات المدرجة بلائحة الحوكمة وتأمل تدريجياً أن تجعل مزيداً من موادها ملزمة. كذلك تعمل الهيئة على رفع مستوى ثقافة الحوكمة والافصاح والشفافية عن طريق التواصل المباشر مع الشركات من خلال عقد حلقات العمل والندوات. وهيئة السوق المالية جادّة في المضي قدماً لتطوير ممارسات الحوكمة في الشركات المدرجة وتأكيد دورها الرقابي ورفع مستوى الافصاح والشفافية وفقاً لأحدث المعايير والممارسات الدولية.  وتأمل الهيئة أن تُـثمر جهودها في توفير البيئة التشريعية والنظامية الكفيلة بإذن الله بتحقيق الاستقرار والاستمرارية للشركات المدرجة، وتعزيز ممارسة مساهمي تلك الشركات لحقوقهم من خلال مشاركتهم في الجمعيات العامة والتصويت على قرارات الشركة الرئيسة. وتأكيداً لهذه الحقوق، نأمل أن نرى قريباً دوراً أكبر للمساهمين وذلك من خلال مساهمتهم في الجمعيات العمومية والتصويت على القرارات عبر نظام "تداولاتي" الذي طبقته حديثاً شركة السوق المالية (تداول)، والذي يتيح لجميع المساهمين المساهمة والتصويت في الجمعيات العمومية إلكترونياً وعن بعد. كل ذلك سعياً إلى إيجاد إطار حوكمة رشيد من شأنه الحد من المخاطر التي قد تتعرض لها  المنشآت الاقتصادية والمالية واستثمارات الناس فيها.

وأخيراً، أتوجه بالشكر الجزيل للغرفة التجارية الصناعية للمنطقة الشرقية ومعهد المديرين لدول الخليج العربية على دعوتهم الكريمة لهيئة السوق المالية لرعاية هذا الملتقى، آملاً أن تُكَّلل جهودهم بالنجاح والتوفيق.

وفي الختام أشكر الجميع على حضورهم وإصغائهم،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.