كلمة معالي رئيس مجلس الهيئة في (منتدى فرص الأعمال السعودي-الأمريكي)
27/04/2010

أيها الضيوف الكرام،

إنه لمن دواعي سروري وجودي هنا اليوم ومشاركتي في هذا المنتدى لمناقشة سبل التعاون بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية لبناء اقتصاد عالمي أكثر طمأنينة واستقراراً.

تتمتع المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة بعلاقات متينة وقديمة ، والروابط الاقتصادية بين هذين البلدين عميقة إذ إن الولايات المتحدة تُعدّ أحد الشركاء التجاريين الرئيسين للمملكة إلى جانب كونها أكبر مصدر للاستثمارات الأجنبية في السعودية وفي الوقت نفسه تُعدّ إحدى الوجهات الرئيسة للاستثمارات السعودية.

نحن نسعى،في هيئة السوق المالية، إلى توطيد هذه العلاقة و يسعدنا أن نرى العديد من كبريات المؤسسات المالية الأمريكية تشارك مشاركة فعالة في السوق المالية المحلية بعد الترخيص لها خلال السنوات الثلاث الماضية.

لقد ساعدت الأزمة المالية العالمية الأخيرة على تأكيد تشابك اقتصاداتنا و ارتباطها بعضها ببعض، كذلك شددت الأزمة على أهمية الحفاظ على الحوار الجاري بين واضعي السياسات في العالم أجمع و تعزيزها. والمملكة العربية السعودية و الولايات المتحدة بكل تأكيد تشتركان في مثل هذا الحوار الدائم والمستمر بشكل خاص، وقد تم تعزيزه من خلال عضويتنا في المحافل المتعددة الأطراف كمجموعة العشرين.

من حسن حظ المملكة العربية السعودية أنها كانت من أقل المتأثرين بالأزمة المالية الأخيرة بل استطاعت مواجهة هذه الأزمة العالمية من موضع قوة  من خلال نمو اقتصادي قوي وإطار مستقر للاقتصاد الكلي لا اختلالات مالية فيه، بيد أننا استفدنا درساً مهماً من هذه الأزمة وهو أنه يمكن أن يكون للقضايا التنظيمية عواقب كبيرة على الاقتصاد الكلي وأن المخاطر يمكن أن تتكون من الضُعف على المستوى الجزئي. نتيجة لذلك فإن ضمان القوة المؤسسية و الإطار التنظيمي للأسواق المالية هو عنصر مهم وحاسم في منع الأزمات في المستقبل ودعم الازدهار المحلي و الدولي.

من هذا المنطلق سلطت حكومتنا الضوء على الإصلاح التنظيمي في مختلف اجتماعات مجموعة العشرين التي عُقدت منذ بداية الأزمة العالمية.

وتؤدي هيئة السوق المالية دوراً أساسياً في هذا الجانب من خلال ضمان قوة الأسس التنظيمية والمؤسسية لسوق المال في المملكة العربية السعودية، وتحدّث الهيئة بشكل مستمر، منذ تأسيسها، إطارها التنظيمي لتلبية أعلى معايير النزاهة والشفافية و الكفاءة والأمثلة على ذلك كثيرة ولكنني سأقتصر على ذكر بعضها:

لقد قدّمنا لائحة حوكمة الشركات في عام 2006 بعد دراسة متعمقة لأفضل الممارسات في جميع أنحاء العالم.وتوجب اللائحة على جميع الشركات تحقيق الحد الأدنى من المعايير الإلزامية للحوكمة. ويتعين على الشركات، في بعض المتطلبات الاختيارية، تفسير الانحراف عن المعايير في تقاريرها السنوية، ويتم تحديث هذه المعايير باستمرار للحفاظ على تماشي السوق مع أفضل الممارسات الدولية. ولتعزيز التزامنا في هذا المجال أنشأنا وحدة مخصصة لحوكمة الشركات في هيئة السوق المالية.

إننا أيضا يقظون من ناحية فرض القواعد لمكافحة مخالفات السوق من أجل ضمان بيئة آمنة للمستثمرين، وتحقيقاً لهذه الغاية سخّرنا أكثر الوسائل التكنولوجية تقدماً للإشراف على السوق.

ولتسهيل مشاركة المساهمين في قرارات الشركة بشكل واسع و نشيط أطلقنا، جنبا إلى جنب مع البورصة لدينا، نظاماً للتصويت من بعد يتيح للمستثمرين التصويت على قضايا الشركة إلكترونياً وليس شخصيا في اجتماعات الجمعية العامة. 

كذلك  قمنا بفتح السوق بشكل تدريجي و ثابت للمشاركات الأجنبية المتزايدة. ففي الماضي كانت المشاركة الأجنبية مقصورة على صناديق الاستثمار ولكن منذ عام  2006 سمحنا للأجانب المقيمين في المملكة بالاستثمار في السوق مباشرة، وفي عام 2007 أزيلت جميع القيود الموضوعة على المستثمرين من دول مجلس التعاون الخليجي.

وقبل عامين سمحنا لغير المقيمين بالاستثمار في السوق لدينا من خلال اتفاقيات مبادلة مع المؤسسات المالية المرخص لها. وفي الشهر الماضي  أطلقنا أول صندوق للمؤشرات المتداولة وهو صندوق يعطي جميع المستثمرين فرصة استثمارية أوسع  بتكلفة منخفضة نسبياً.

المملكة العربية السعودية اليوم تتمتع بمزايا هذه الإصلاحات ، وسوقنا تُعدّ أكبر الأسواق وأكثرها سيولة في المنطقة.  إن القيمة السوقية لسوق الأسهم  حالياً يبلغ أكثر من 361 مليار دولار، أي زُهاء 86 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا أيضا يجعله أحد أعمق الأسواق الناشئة بالإضافة إلى أن عدد الشركات المطروحة على مؤشر تداول في ازدياد وذلك بعد أن تضاعف في السنوات الخمس الأخيرة إلى 139 شركة.

وضمن جهودنا التوعوية قمنا مؤخرا بقيادة فريق من كبار رجال الأعمال السعوديين الذين يمثلون كبريات الشركات السعودية لزيارة بورصة نيويورك للأوراق المالية،  وهناك قمنا بعقد و تنظيم عدة اجتماعات بين هذه الشركات و المؤسسات الاستثمارية في الولايات المتحدة لزيادة الوعي بالفرص الكبيرة التي توفرها السوق المالية السعودية.

وبالتطلع للمستقبل سنواصل تطوير السوق و تحديث إطارنا التنظيمي لبناء أفضل الممارسات الدولية وسيبقى جذب المؤسسات الاستثمارية الأجنبية هدفاً إستراتيجياً. ونحن ندرس خيارات محتملة جديدة لتمكين المستثمرين الأجانب من الاستثمار مباشرة في الشركات السعودية،  ونأمل أن نجذب بذلك الاستثمارات الأمريكية بشكل أكبر. وفي الوقت نفسه سنستمر في تقوية علاقتنا مع الهيئات التنظيمية الأخرى بما في ذلك هيئة الأوراق المالية الأمريكية (SEC) التي طورنا معها علاقة تعاونية قوية.

علاوة على ذلك  قدمنا مؤخراً طلباً للحصول على عضوية في المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية (IOSCO) ونأمل في تعزيز قوة اقتصادنا من خلال تعزيز الهياكل الموجودة لدينا وخلق آليات جديدة للاستثمار وأن نقوم بدورنا في بناء اقتصاد عالمي أكثر استقرارا.