معالي رئيس مجلس الهيئة في بورصة نيويورك (يوم سوق المال السعودية)
22/03/2010

أيها الضيوف الكرام،

إن من دواعي سروري وجودي هنا في نيويورك والمشاركة في يوم سوق المال السعودية.

تربط المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة ،لأكثر من 70 عاماً، علاقة متينة وخاصة في التجارة والاستثمار. فالمملكة هي الشريك التجاري الرئيس للولايات المتحدة في المنطقة ولديها العديد من الاستثمارات الأمريكية في مختلف القطاعات الاقتصادية ولا سيّما قطاعي النفط و الصناعات البتروكيميائية.

من خلال هذا الملتقى آمل أن يتعرف الحضور بشكل مباشر على الفرص الاستثمارية التي توفرها المملكة. فالمملكة تمتلك أكبر اقتصاد وأكبر سوق مالية في منطقة الشرق الأوسط، ولذلك توفر للمستثمرين فرصاً استثمارية في العديد من القطاعات أكثر من أي دولة أخرى في المنطقة. 

على مدى العقد الماضي، شرعت المملكة العربية السعودية في برنامج للإصلاح الاقتصادي لوضع اللبنات الأساسية لاقتصاد أكثر انفتاحاً و تنافسية. وفي الواقع تم استحداث وتحديث ما يزيد على أربعين قانوناً و نظاماً موجهة تحديداً إلى تهيئة بيئة استثمارية أكثر انفتاحاً وودية. علاوة على ذلك، أصبحت المملكة في العام 2005 عضواً في منظمة التجارة العالمية ومؤخراً انضمت إلى مجموعة الدول العشرين (G20). 

وأهم من ذلك كله أن هذه الخطوات قد استكملت عن طريق إجراء تغييرات مؤسسية تمثلت في إنشاء عدد من المؤسسات الحكومية من أبرزها المجلس الاقتصادي الأعلى و هيئة السوق المالية. ومضت الحكومة في وضع تدابير جديدة تضمن استقرار الاقتصاد الكلي. ونحن نسعى ،في إطار تحرير السوق، إلى استكمال الأطر التنظيمية والمؤسساتية فضلاً عن البنية التحتية المطلوبة في السوق.

إن الإجراءات مستمرة وما اتبعناه من استراتيجيات أدى إلى نتائج فعاله مكنت المملكة من أن تتجاوز بشكل قوي نسبياً الاضطرابات المالية العالمية الشديدة في العام الماضي. وخلال تقويتنا للبنية التحتية للسوق و الأطر التنظيمية لها، بدأنا فتح السوق للمستثمرين الأجانب، فبإمكان السكان الأجانب في المملكة المشاركة في السوق مثل المواطنين السعوديين وبوسع غير السعوديين الاستثمار في الصناديق الاستثمارية. وفي العام 2008 بدأنا السماح للأجانب بالاستثمار في الأسهم المحلية من خلال اتفاقيات مبادلة مع المؤسسات المالية المعتمدة، وهذا يتيح للمستثمرين الأجانب جني الفوائد الاقتصادية الكاملة لأسهم الشركات المدرجة في نظام تداول.

ونحن الآن في صدد تطوير سوق لصناديق المؤشراتِ المتداولة من المتوقع أن يتم إطلاقها في المستقبل القريب.وستعطي هذه الصناديق المستثمرين الفرصة للاستثمار في سوق الأسهم السعودية بتكلفة منخفضة نسبياً.

أيها الأخوة والأخوات 

لقد تم إنشاء هيئة السوق المالية التي تعنى بتنظيم سوق الأسهم في العام 2004 هيئةً حكوميةً ذات استقلال مالي وقانوني وإداري. وكانت هيئة السوق المالية  -ولا تزال- في المقدمة من خلال تحديثها المستمر للإطار التنظيمي  وبناء أفضلِ المعايير والممارسات الدولية. إن الأمثلة على ذلك كثيرة، ولكن أود أن ألقي الضوء على بعضها:

في العام 2006 وضعنا لائحة حوكمة الشركات التي تطلب من جميع الشركات أن تلبي الحد الأدنى من معايير الحوكمة التي يتم تحديثها بانتظام . ففي شهر يناير من عام 2009،على سبيل المثال، جرى تحديث اللوائح لتتضمن أحكاماً بشأن الإفصاح عن  أجور الأعضاء الأساسيين في إدارة الشركة.وعلى الشركات المدرجة في البورصة كافة أن تذكر في تقاريرها السنوية ما طبقته من معايير حوكمة الشركات.

جاءت زيادة المستثمرين الأجانب جنباً إلى جنب مع الخطوات المتخذة لزيادة مشاركة المؤسسات المالية الأجنبية؛ فقد تم إصدار التراخيص لبنوك الاستثمار الأجنبية لإقامة شركات وساطة وإدارة أصول وشركات استشارية في المملكة. ويسرني القول إن هناك حضوراً لأكبر البنوك الاستثمارية العالمية في الرياض اليوم، وهذا من شأنه أن يزيد المنافسة و يجلب المزيد من الخبرات الاقتصادية العالمية إلى سوقنا. 

إن سوق الأسهم التي تعمل بشكل جيد تستفيد من المشاركة الواسعة و الفعَّالة من المساهمين ولتسهيل هذه العملية قامت هيئة السوق المالية و تداول بإنشاء قاعدة للتصويتِ من بُعد تسمح للمستثمرين بالتصويت في قضايا الشركات عن طريق الوسائلِ الإلكترونية وليس شخصيا في اجتماعات الجمعية العمومية، وقد وضحت فوائد هذا النظام على الفور؛ ففي الاندماج الأخير بين شركتي المراعي و هادكو (شركة ألبان وشركة زراعية) تمت  59 % من الأصوات باستخدام هذا الأسلوب مما يمثل زيادة كبيرة في مشاركة المساهمين مقارنة بعمليات تصويت مماثلة في الماضي. 

كذلك تحرص هيئة السوق المالية على تطوير سوق الدخل الثابت في المملكة. ففي يونيو من العام الماضي أطلقت هيئة السوق المالية سوقاً ثانوية لتداول السنداتِ و الصكوك وهذا يوفر الإمكانيات اللازمة لإنشاء سوق ثانوية نشيطة وسائلة في أدوات الدخل الثابت. 

أيها الأخوة والأخوات

إن إيجاد بيئة آمنة و جذابة للمستثمرين هو أحد أهم المهماتِ الرئيسة لهيئة السوق المالية وتحقيقاً لهذه الغاية وضعنا متطلبات الإفصاح وركزنا على مستويات عالية من الشفافية من جميع الشركات، ونحن نشجع التقدم بأي شكاوي تتعلق بمجالات مثل تنفيذ المعاملات و المرافق و العقود ونحقق في أي انتهاك لقوانين السوق المالية.

ونحن نرى الآن نتائج هذه الإصلاحات، وها هي النتائج تتحدث عن نفسها:

  1. إن سوق الأسهم السعودية هي الأكبر و الأكثر سيولة في الشرق الأوسط وتتعدى قيمتها السوقية 350 بليون دولار أمريكي، إلى جانب كونها من أكبر الأسواق الناشئة و أكثرها سيولة.
  2. استمرار ارتفاع عدد الشركات المدرجة في تداول إذ ارتفع خلال السنوات الخمس الأخيرة إلى 139 شركة مدرجة.
  3. شدة المنافسة في السوق؛ فهناك 67 شركة وساطة مسجلة بما في ذلك الشركات التابعة للعديد من كبريات المؤسسات المالية العالمية.
  4. لدينا أحدث قنوات التسجيل والإدراج في العالم؛ فمثلاً للمستثمرين الخيار في المساهمة في الاكتتابات الأولية من خلال مجموعة واسعة من القنوات بما في ذلك أجهزة الصراف الآلي و الإنترنت بالإضافة إلى فروع البنوك المرخصِ لها. إن نحو 92% من الاكتتابات تتم عن طريق وسائل إلكترونية. 
  5. يسرني القول إنه منذ أن فتحنا السوق لمشاركة الأجانب من خلال اتفاقيات المبادلة حققنا ما يربو على 7.2 بليون دولار أمريكي في التداول، ونتوقع أن يرتفع ذلك بعد أن يصبح المستثمرون الأجانب على دراية أكبر بالسوق. 

أيها الأخوة والأخوات،

إن الوضع المؤسسي السليم للسوق المالية السعودية إلى جانب البيئة الاقتصادية الملائمة كانت مجزية للمستثمرين، فعلى الرغم من الاضطرابات المالية العالمية و الإقليمية حقق مؤشر تدول ارتفاعاً بنسبة 28% خلال العام 2009 جاعلاً المملكة أفضل الأسواق أداءً في دولِ مجلس التعاون الخليجي.

وبينما نحن مستمرون في تطوير السوق و تحديث قوانينها، فأن تشجيع المؤسسات الاستثمارية الأجنبية للاستثمار في السوق السعودية هدفاً إستراتيجياً لنا. فالمملكة تحتل الآن المركز الثالث عشر عالمياً في المسح الذي أجراه البنك الدولي في سهولة مزاولة نشاط الأعمال متقدمة على كثير من الدول الأخرى في المنطقة. كذلك تحتل المملكة المرتبة الرابعة و العشرين في تقرير التنمية المالية لعام 2009 مرتفعة عن المركز السابع و العشرين في العام 2008 علاوة على أنها تحتل المركز السادس من حيث الاستقرار المالي بشكل عام.

رغم ذلك كله، نحن ندرك أنه لا يزال أمامنا طريق طويل وأشياء أكثر ينبغي القيام بها، وسوف نستمر و نثابر في جهودنا الرامية إلى تعزيز و زيادة جاذبية السوق السعودي وسنمضي في تقوية الهيكل الموجود حالياً  وإيجاد آليات جديدة لجذب استثمارات أكثر بما في ذلك الاستثمارات الأجنبية.