كلمة رئيس مجلس الهيئة في ملتقى تداول الأول للشركات السعودية"الطريق للتحول إلى شركة مساهمة عامة (المزايا والتحديات)"
18/04/2012

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

أود في البداية أن أشكر شركة السوق المالية السعودية (تداول) والقائمين على تنظيم هذا الملتقى وأن أنوه بجهودهم الجليّة في حسن الإعداد والترتيب. ونأملُ أن يحققَ هذا الملتقى الأهداف المنشودة وأن يُبرزَ كافة جوانب الفرص والتحدياتِ التي قد تواجهُ الشركاتِ التي ترغب في التحول إلى شركاتٍ مساهمة مدرجةٍ في السوق المالية السعودية.

إنّ الأنشطة التجارية والصناعية والخدمية والتقنية تعد ركائزَ أساسية في بناءِ اقتصادياتِ الدول، وقد شهد الاقتصادُ المحلي خلال العقود الماضية تطوراتٍ مهمة في إدارةِ هذه الأنشطة، كذلك شهدت المملكة نمواً مطرداً في عدد المنشآتِ الاقتصادية التي تم تأسيسُها على اختلاف أشكالها القانونية، إذ توسعت أنشطة المؤسساتِ الفردية والشركاتِ العائلية وأضْحت تُسهمُ بشكلٍ رئيس في إجمالي الناتج المحلي، ولذلِك برزت الحاجة إلى تطوير هياكلِ إدارةِ هذه المنشآت وملكيتِها، واشتدت أهميةُ موضوع فصل الملكية عن الإدارة لضمان قدرة هذه الكياناتِ الاقتصادية على تجاوز كافة التحدياتِ التي قد تواجهها والتأكد من استمراريتها ونموها.

إن السوق المالية ليست مجردَ قناةٍ يظفرُ من خلالها القطاعُ الخاص بالتمويل المطلوب؛ وذلك بالحصول على رأس المال أو زيادتِه بل هي مكوّن أساس لا غنى عنه لتحفيز الاقتصاد وبالتالي المساهمة في تطور البلاد ورخائها. 

ورغم التطور الذي شهدته السوقُ الماليةُ السعودية خلال السنواتِ الماضية من حيث التنظيمُ والشفافية والإفصاحُ وكذلك التوسعُ في إدراج الشركات، وتَوفّر العديدِ من العواملِ الأساسية لنجاح أي سوق مالية تتمتع بالكفاءة والنزاهة والمصداقية، إلا أن عدد الشركات المساهمة المدرجة لا يعكس حجم ومكانة الاقتصاد السعودي في ظل وجود كيانات اقتصادية كبيرة ومؤثرة خارج السوق المالية. وإن تحويلَ هذه الكياناتِ الاقتصادية إلى شركاتٍ مساهمة عامة تنفصل فيها الملكيةُ عن الإدارة يعزز إمكانية نمو واستمرار هذه الشركات وتوسع أنشطتها. وهناك أمثلة كثيرة لمنشآت اقتصادية تحولت إلى شركاتٍ مساهمة مدرجه في السوق، وطبّقت أفضلَ ممارساتِ الحوكمة الرَشيدة، وعَمِلت وفق أنظمة وضوابطِ هيئةِ السوق المالية مما عزز قُدرتها التنافسية، فتوسعت أعمالُها، ودخلت أسواقاً جديدة، واستطاعت أن تحصلَ على مصادر تمويل بأسعار تنافسية. ولِما للسوق المالية من دور مهم في عملية التمويل والاستثمار، فقد واصلت الهيئة توفيرَ المرونة الكافية في التشريعاتِ والإجراءات لاستيعابِ طرحِ وإدراج الأوراق والمنتجات المالية المختلفة، حيث أدرجت خلال العام 2011م ( 6 ) شركاتٍ جديدة في طرح عام وغطي اكتتاب هذه الشركات بأكثر من الضعف لكل شركة. كذلك أعادت الهيئة إصدار قواعد الإدراج بعد تطويرها. 

إن التحولَ إلى شركةٍ مساهمةٍ مدرجة في السوق المالية السعودية يتطلبُ الالتزامَ الكامل بالأنظمة واللوائح والإجراءات ذات العلاقة بالسوق المالية ومن أهمها تبني الإفصاح والشفافية في أطرٍ زمنية محددة، والالتزام بتطبيق المتطلبات النظامية لحوكمة الشركات، ووضع الأنظمة والإجراءاتِ الداخلية لدى الشركة التي تحددُ العلاقة بين ملاكِ الشركة ومجلسِ إدارتها وإدارتها التنفيذية بما يكفلُ العدالة لجميع المساهمين. إن هذه الإجراءات والمتطلباتِ النظامية المفروضة ليست قيوداً على الشركات بقدرِ ما هي ضوابط تصبّ في مصلحة كافة المساهمين وأصحابِ المصالح؛ فقد كشفت الدراساتُ الميدانية التي أجرتها الهيئة أنّ الشركاتِ المساهمة التي تلتزم بتطبيق أعلى درجاتِ الإفصاح وتطبق لائحة حوكمة الشركات بشكل فعَّال تحصل على ثقة المستثمرين وتتعزز قدرتها على الحصول على مصادر التمويل المتنوعة، وتصل إلى أفضل النتائج من حيث الأداء، وهنالك إجماع بين مسؤولي الشركاتِ والمستثمرين الذين شملتهم الدراسة على الجوانبِ الإيجابية التي تجنيها الشركات المساهمة التي تطبق قواعد الحوكمة.

إن هيئة السوق المالية عملت على توفير كافة الإمكانيات والجهود لإرساء العدالة والشفافية في السوق المالية، و سعت إلى تطوير اللوائح الرقابية، ولعل من أهمها مؤخراً صدور لائحة إجراءات الفصل في منازعات الأوراق المالية، وصدور قواعد التسجيل والإدراج التي تعدّ تحديثاً وتطويراً للقواعد المعتمدة سابقا، كذلك استمرت الهيئة في سياستها التدرّجية في إلزامية موادِ لائحةِ حوكمة الشركات حيث أُلزمت مؤخراً المادةُ المتعلقة بضوابط الرقابة الداخلية.

إن التحولَ إلى شركاتٍ مساهمةٍ عامه بقدر ما يساعدُ على بقاء الشركاتِ واستمرارها فهو كذلك يؤدي إلى أن مَن أنشأها يجني من خلال طرحها ثمارَ جهدِه وتعبه ونجاحه ويسعدُ بمشاركة أبناء وطنه في هذا النجاح وما يحكم الشركات المدرجة من أنظمةٍ ولوائح لهو نجاحٌ واستمرارٌ لهذه الشركات. وفي الختام، أود أن أوكدَ أن الهيئة تدعم وجود شركاتٍ مساهمة مدرجة جديدة تكون عملية الإدراج في السوق المالية عاملاً مساعداً على نموها واستمرارها بما يحقق أهدافَ مؤسسيها ويعزز الاقتصاد.

أتوجه بالشكر الجزيل لشركة السوق المالية على دعوتها الكريمة لهيئة السوق المالية لرعاية هذا الملتقى، آملاً أن تُكلّل جُهود الجميع بالنجاح والتَوفيق، وأشكر الحاضرين كافة مع تمنياتي لهم بطيبِ المشاركة في هذا الملتقى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.