يرتفع احتمال التزام المستثمر بخططه المالية إذا ما دَوَّنها، بدلاً من مجرد محاولة متابعة رغباته المشتتة التي قد تفتقر للتنظيم والتدوين. فأول الخطوات إذاً أن يقوم المستثمر بتدوين أهدافه الاستثمارية وترتيبها وفق أهميتها. ثم عليه تحديد المبالغ اللازم استثمارها للوصول لهذه الأهداف بناءً على معطيات الوقت الاستثماري المتاح له.
الاستثمار قصير الأجل مقابل طويل الأجل
تمثل معرفة المستثمر للوقت المتاح له للوصول إلى أهدافه الاستثمارية الجزء الأكبر في اختيار الإستراتيجية الاستثمارية المناسبة. فالأهداف التي يرغب المستثمر تحقيقها في غضون السنوات القليلة القادمة هي أهداف قصيرة الأجل، أما الأهداف التي يرغب تحقيقها في غضون الخمس أو العشر سنوات القادمة فهي أهداف متوسطة الأجل. وما زاد عن ذلك فهي أهداف طويلة الأجل. ويمنح طول الفترة الزمنية للمستثمر مرونة أكبر لتحمل قدر أعلى من المخاطر رغبة في تحقيق المزيد من العوائد. وكلما قلت الفترة الزمنية المطلوبة لتحقيق الهدف الاستثماري قَلَّ شعور المستثمر بالارتياح لتحمّل مخاطر عالية، وذلك لعدم وجود وقتٍ كافٍ لدى المستثمر للتعويض عن أي خسائر متحققة. لهذا السبب كان طول الوقت الذي يرافق الأهداف الاستثمارية طويلة الأجل مساعداً للمستثمر للتعاطي مع إستراتيجيات استثمارية أكثر اندفاعا نحو المخاطرة من خلال التركيز على الاستثمارات التي تتيح مجالاً كبيراً من النمو. أما قصر الوقت المرافق للأهداف الاستثمارية قصيرة الأجل فهو في المقابل يدفع بالمستثمر للتركيز على إستراتيجيات استثمارية محافظة بمستويات مخاطرة منخفضة قد لا تنتج عوائد كبيرة. وفي حالة تبني المستثمر لأهداف متوسطة الأجل، فإن عليه الجمع بين استثمارات عالية وأخرى منخفضة المخاطرة في آن واحد. ومع مرور الوقت، تتحول أهداف المستثمر طويلة الأجل إلى أهداف قصيرة الأجل. لذا فمن المهم أن يعيد المستثمر تقييم استثماراته كل عام ليقيس مقدار التقدم الذي تم تحقيقه، وليقرر إذا كان الوقت قد حان لتعديل أهداف خطته الاستثمارية بتحويل بعض الاستثمارات من استثمارات عالية المخاطرة إلى استثمارات محافظة ومنخفضة المخاطرة.
السيولة
بجانب الحاجة لموازنة المستثمر بين المخاطر والعوائد في استثماراته، فإن عليه الموازنة بين العائد والسيولة المتاحة في هذه الاستثمارات. وتعني السيولة هنا القدرة لدى المستثمر لتحويل استثماراته إلى نقد. فعلى سبيل المثال، يعد المال المودع في حساب ادخاري مالاً ذا سيولة عالية لأن باستطاعة المستثمر طلبه وسحبه من البنك متى ما شاء وفي أقصر مدة ممكنة دون خسارة أي جزء منه. وعلى خلاف ذلك، تكون السيولة المتوافرة في الاستثمارات العقارية منخفضة, فلو تملك المستثمر عقاراً وأراد الحصول على سيولة من هذا الاستثمار فقد يكون من الصعوبة توفر مشترٍ بالسرعة المطلوبة. ولو كانت حاجة المستثمر تتطلب سرعة البيع فقد يكون مضطراً إلى قبول بعض الخسارة من خلال خفض كبير في السعر. أما إذا أصر على سعر محدد للبيع فقد تطول مدة انتظاره إلى حين وجود مشترٍ. وتختلف الأسهم من حيث قابلية تحويلها إلى سيولة وفقاً لطبيعة السهم. فإذا كان السهم يحظى بعمليات تداول كبير بيعاً وشراءً بشكل مستمر، فسيكون من السهل بيع السهم بالسعر المتاح في السوق إذا احتاج المستثمر للسيولة. لكن إذا لم تكن حركة التداول على السهم كبيرة، فقد يكون من الصعوبة إجراء عملية البيع بسرعة والحصول على سعر عادل. وهذا هو ما يُعنى بضعف السيولة المتاحة في الاستثمار.